تفاح السويد وفراولة مصر


فى زيارتي الأولى إلى دولة السويد ، والى العاصمة استكهولم بشكل خاص، تأكد لدى أن الخلل لدينا يكمن فى التربية وفى الممارسات، وأن أوان الاصلاح قد ولى وفات، فلدينا من الكلام مايكفى ، ولكن ليس لدينا من الأفعال الا الفتات ، نتحدث عن النظافة وإنها من الإيمان ، وفى الواقع نرى الشوارع والبيوت والأماكن العامة غير نظيفة، نتحدث أن الكذاب مصيره الى النار، ولا يخلو حديث البعض من كذب بواح. نتحدث أنه لاسمر بعد العشاء ويسهر معظم الشعب للساعات الاولى من الصباح!!
بينما فى السويد (كمثال للدول المحترمة الكثيرة التى تطبق نفس النموذج) الكل يعمل فى صمت ، احترام الوقت قيمة تدرس من خلال المشاهدة والمتابعة ، بمجرد أن تأتى الساعة الساعة الثامنة مساءاً ، يكون هذا إشعارا للجميع بأن يخلد الى النوم، فلا مقاهى مفتوحة ولا تسكع فى الطرقات. بل انها رسالة لأولياء الأمور ، فلا حديث عن صحبة الأبناء الى الخارج بعد الثامنة مساءا ، ومن يضبط وبصحبته طفله خارج المنزل بعد الثامنة مساءاً يخضع للمسائلة، لأن الطفل من المتوقع أن يكون بالمدرسة صباحاً،  أنه احترام الوقت.  وفى الصباح تمر بجوار المدارس فى  السويد، فترى نظافة وهدوء فلا تسمع اصواتاً مزعجة ، قد تسمع صوت لعب الأطفال وهم فى حدائق مفتوحة بجوار المدرسة ، وقد خرجوا فى نظام وترتيب بصحبة المعلم،  لا مجال للفوضى ، انها التربية للمهارات الحياتية يعيش الطفل بها ويتعلمها من خلال الممارسة .  أما فى مصر فبمجرد خروجك من المنزل تشاهد فوضى التعامل مع الطريق العام ، من اصوات عالية ، وسباب وشتائم ، ونرى حالات العنف التى تمارس بين الطلاب أثناء اليوم الدراسي داخل الصف وخارجه، مدارسنا تحولت الى فوضى فى الشكل وفوضى فى المضمون .
ان البيئة التى يتم احترمها من قبل من يعيشون عليها ، من المؤكد انها تحترمهم وتقدرهم وتعطيهم ، ففى السويد الشوارع نظيفة والحدائق فى كل مكان ، والأشجار المثمرة فى كل ربوع الأرض ، تمر عليها فترى الفاكهة وقد فرشت الأرض ، تبحث عمن يأكلها ، عندما شاهدت أشجار التفاح على جانبي الطريق امام جامعة استكهولم ، وقد اكتست الأرض بثمار التفاح ، سألت نفسي لماذا تزرع تلك الدول أشجار مثمرة ، بينما نحن نزرع أشجار الفيكس التى تدمر التربة وتستهلك المياة ، لماذ لانزرع التمر أو الزيتون ، في زمن نحن أحوج ما نكون الى ثمار تأكل ، حتى نملك غذائنا ، أم ان هناك من يرفض أن نملك إرادتنا في الغذاء والدواء والتعليم ؟؟؟ لماذا يقوم الناس برى بعض المحاصيل كالفراولة بمياه الصرف الصحى لتجلب الامراض والاوجاع على الشعب المطحون. اليس المفروض أن تستخدم تلك المياه المعالجة فى زراعة اشجار لصناعة الاخشاب مثلا بدلا من محاصيل يأكلها الشعب ؟
من أراد أن يستفيد من تجارب الشعوب ، فالتجارب موجوده ، ومن أراد أن يتعلم فباب العلم مفتوح، والى أن نعى تلك التجارب ونتمثلها لنترجم ما هو ايجابي وفعال فى واقعنا ، علينا أن نعى أن من أراد أن يتقدم فلا بد من أن يسعى الى تربية وبناء جيل يعى معنى العطاء والانتماء ، على ضوء ممارسات فعلية وليس خطابات طنانة ووعود كاذبة.


Comments

Popular posts from this blog

ابناؤنا ....و...العالم الافتراضى

Sweden asks you to hate it.